ملخص لمستجدات سوق الذهب العالمي – إعداد: الخبير الاقتصادي محمد قيس عبدالغني

2 ديسمبر 2025 – السعر الفوري يقارب 4,213 دولارات للأونصة

---

أولاً: نظرة سريعة على حركة الذهب

يتداول الذهب حالياً قرب مستوى 4,213 دولارات للأونصة بعد تراجع طفيف من القمم المسجَّلة في الجلسات السابقة قرب نطاق 4,240–4,260 دولاراً، في ظل ملامح واضحة لعمليات جني أرباح وضغط محدود من ارتفاع عوائد السندات الأمريكية.

جاء هذا الأداء بعد أن شهد الذهب موجة صعود قوية خلال الأسابيع الأخيرة انطلقت من مناطق تقارب 4,000–4,050 دولاراً للأونصة إلى قمم تاريخية فوق 4,300 دولار، مدفوعة برهانات قوية على خفض الفائدة الأمريكية وارتفاع الطلب الاستثماري والرسمي (مشتريات البنوك المركزية). ويتحرك السعر حالياً داخل قناة صاعدة على الإطارين اليومي و4 ساعات مع بقاء القيعان الأخيرة أعلى 4,100 دولار، ما يبقي الاتجاه العام في إطار موجة صعود رئيسية يتخللها تصحيح طبيعي.

مستويات فنية مهمة لليوم (ليست توصية تداول):

• دعم رئيسي أول: 4,180 دولاراً للأونصة.

• دعم ثانٍ محتمل: 4,130 ثم 4,080 دولاراً للأونصة، مع اعتبار مستوى 4,000 دولار منطقة دعم نفسية قوية في حال توسّع التصحيح.

• مقاومة قريبة أولى: 4,240–4,260 دولاراً للأونصة (قمم الجلسات الأخيرة تقريباً).

• مقاومة تالية: 4,300–4,350 دولاراً للأونصة، واختراقها يعيد الأنظار نحو القمة التاريخية الأخيرة أعلى 4,300 دولار.

---

ثانياً: الأخبار الاقتصادية الأمريكية والدولار والفائدة

الخبر الأول: رهان قوي من الأسواق على أن الاحتياطي الفيدرالي سيتجه إلى خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر، مع تسعير احتمالات خفض تتجاوز 80% وفق أدوات متابعة قرارات الفيدرالي، بدعم من تصريحات تميل إلى الحذر من بعض الأعضاء وتلمّح إلى استعداد لسياسة أكثر تيسيراً في ظل تباطؤ سوق العمل.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: هذه التوقعات تضغط هيكلياً على عوائد السندات الحقيقية وتضع سقفاً لقوة الدولار على المدى المتوسط، ما يدعم بقاء الذهب عند مستويات مرتفعة تاريخياً، ويجعل التراجعات من القمم الحالية تُصنَّف كتصحيحات ضمن اتجاه صاعد طالما استمر سيناريو خفض الفائدة قائماً.

الخبر الثاني: الأسواق تترقّب هذا الأسبوع صدور بيانات مهمة مثل تقرير وظائف القطاع الخاص ADP والمؤشر المفضَّل لدى الفيدرالي لقياس التضخم (PCE) بعد تأجيله سابقاً، وهي بيانات يُنتظر أن تؤكد أو تنفي سيناريو خفض الفائدة في ديسمبر، خاصة بعد أن جاءت تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول الأخيرة خالية تقريباً من أي تلميح واضح لمسار الفائدة القادم.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: أي نتائج أضعف من التوقعات على صعيد التضخم أو الوظائف ستعزز من رهان خفض الفائدة وتضغط على العوائد والدولار، ما يدعم الذهب وقد يدفعه سريعاً لإعادة اختبار قمم 4,240–4,260 دولاراً. أما البيانات الإيجابية القوية فقد تُبقي الذهب تحت ضغط تصحيحي باتجاه 4,150–4,100 دولار قبل أن يعيد السوق تقييم الصورة من جديد.

الخبر الثالث: تحليلات حديثة تشير إلى مؤشرات تباطؤ عالمي، خاصة مع ضعف في بيانات مديري المشتريات في الصين والولايات المتحدة واستمرار الضغوط في القطاع العقاري الصيني (من خلال طلب بعض المطورين تمديد آجال سداد السندات)، ما يزيد القلق حول النمو العالمي ويعزز الطلب على الذهب كتحوّط ضد مخاطر التباطؤ والاضطرابات المالية.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: تباطؤ النمو يدفع البنوك المركزية، وعلى رأسها الفيدرالي، إلى تبني مسار أكثر حذراً وربما أكثر تيسيراً على المدى المتوسط، وهو ما يدعم بيئة عوائد حقيقية منخفضة تعود بالنفع على الذهب كأصل تحوّطي واستثماري في آن واحد.

---

ثالثاً: العوامل الجيوسياسية والطلب العالمي على الذهب

الخبر: تقارير من مؤسسات دولية ومجلس الذهب العالمي تشير إلى أن الذهب يتجه لتسجيل واحد من أقوى الأعوام من حيث نسبة الصعود منذ عقود، مع تقديرات لارتفاع يتجاوز 40% خلال 2025، مدفوعاً بمزيج من التوترات الجيوسياسية وضعف الدولار وتاريخ غير مسبوق لمشتريات البنوك المركزية.

وتُظهر البيانات أن البنوك المركزية أضافت نحو مئات الأطنان من الذهب خلال 2025، مع استمرار دول ناشئة في تعزيز حيازاتها ضمن مسار يشبه “التخلّص التدريجي من هيمنة الدولار” في الاحتياطيات الرسمية، إلى جانب جدل سياسي في بعض الدول (مثل إيطاليا) حول ملكية الذهب واستخدامه في إدارة ملفات الدين والسيادة المالية.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: هذا السياق يعزز مكانة الذهب كأصل استراتيجي طويل الأجل في الاحتياطيات، لا مجرد أداة مضاربة قصيرة المدى. واستمرار هذه الاتجاهات (توترات جيوسياسية، تباطؤ عالمي، مشتريات قوية من البنوك المركزية) يدعم الطلب الهيكلي على الذهب ويميل بالأسعار للصعود على المدى المتوسط والطويل، مع تكوّن “أرضية سعرية” أعلى بكثير من المستويات التي اعتادتها الأسواق في الأعوام السابقة.

---

رابعاً: خلاصة اليوم والاتجاه المبدئي المحتمل للذهب

1. الوضع العام حالياً: يتحرك الذهب حول مستوى 4,213 دولارات للأونصة داخل نطاق تقريبي بين 4,180 و4,240 دولاراً، مع ميل عام يمكن وصفه بأنه صاعد على المدى القصير وصاعد/إيجابي على المدى المتوسط طالما ظل السعر فوق منطقة 4,100–4,000 دولاراً للأونصة.

2. أهم العوامل الداعمة للذهب اليوم:

• رهانات قوية على خفض الفائدة الأمريكية في اجتماع ديسمبر واستمرار دورة خفض تدريجية خلال 2026.

• مؤشرات تباطؤ في الاقتصاد الأمريكي والعالمي (بيانات الصين، القطاع العقاري، وتراجع ثقة المستهلك)، ما يدعم بيئة تيسير نقدي وطلباً أعلى على الملاذات الآمنة.

• استمرار مشتريات البنوك المركزية بكميات كبيرة، ما يعزز الطلب الهيكلي على الذهب ويدعم السردية الصعودية على المدى المتوسط والطويل.

3. أهم العوامل الضاغطة على الذهب اليوم:

• ارتفاع نسبي في عوائد السندات الأمريكية خلال الجلسة، ما يضغط آنياً على الذهب ويفسّر جزءاً من التراجع من قمم 4,240–4,260 دولاراً.

• تشبّع شرائي فني على بعض الأطر الزمنية بعد موجة صعود حادة خلال الأسابيع الماضية، ما يزيد احتمالات استمرار جني الأرباح قصير الأجل.

4. القراءة المبدئية لحركة الذهب خلال الجلسة:

طالما بقيت الأسعار أعلى مستوى 4,180–4,170 دولاراً، فإن السيناريو الأقرب هو استمرار التداول في نطاق جانبي مائل للصعود مع محاولات لإعادة اختبار 4,240 ثم 4,260 دولاراً للأونصة، خصوصاً إذا جاءت البيانات الأمريكية هذا الأسبوع في صالح سيناريو خفض الفائدة.

أما في حال كسر واضح وثبات أدنى 4,170 ثم 4,130 دولاراً، فقد يفتح ذلك الباب أمام تصحيح أوسع باتجاه 4,080 ثم 4,000 دولار للأونصة، مع بقاء هذا السيناريو تصحيحياً داخل اتجاه صاعد أكبر ما لم تتغير صورة الفائدة أو العوائد بشكل حاد لصالح الدولار.

---

خامساً: تنويه مهم

هذا الملخص لأغراض تحليلية واقتصادية ولا يُمثل بأي حال من الأحوال توصية مباشرة بالشراء أو البيع.

قرارات التداول تبقى مسؤولية المتداول، ويُنصح دائماً بدمج هذا التحليل مع خطة إدارة رأس المال والاستراتيجية الخاصة بكل متداول.