ملخص لمستجدات سوق الذهب العالمي – إعداد: الخبير الاقتصادي محمد قيس عبدالغني

4 ديسمبر 2025 – السعر الفوري يقارب 4,184 دولاراً للأونصة

---

أولاً: نظرة سريعة على حركة الذهب

يتداول الذهب حالياً قرب مستوى 4,184 دولاراً للأونصة في نطاق عام يدور حول 4,150–4,220 دولاراً، بعد جلستين من التذبذب الخفيف فوق الحاجز النفسي 4,200 دولار، في ظل حالة ترقّب حادة لبيانات التضخم الأمريكية وقرار الفيدرالي.

خلال الأيام القليلة الماضية حافظ الذهب على تموضعه في الأغلب أعلى 4,200 دولار رغم ضغوط جني الأرباح، مستفيداً من ضعف نسبي في الدولار واستمرار رهانات خفض الفائدة في اجتماع ديسمبر. الاتجاه الفني العام ما يزال صاعداً على الإطار اليومي و4 ساعات؛ القيعان تتشكّل تدريجياً أعلى نطاق 4,100–4,120 دولاراً، بينما تتحول مناطق 4,000–4,050 دولاراً إلى قاعدة دعم أوسع للموجة الحالية، ما يجعل الحركة الحالية أقرب إلى تصحيح جانبي داخل مسار صعود رئيسي.

مستويات فنية مهمة لليوم (ليست توصية تداول):

• دعم رئيسي أول: 4,160 دولاراً للأونصة.

• دعم ثانٍ محتمل: 4,120 ثم 4,080 دولاراً، مع اعتبار مستوى 4,000 دولار منطقة دعم نفسية قوية في حال توسّع التصحيح.

• مقاومة قريبة أولى: 4,220–4,230 دولاراً للأونصة.

• مقاومة تالية: 4,260–4,300 دولارات للأونصة؛ واختراقها يعيد الزخم نحو القمة التاريخية الأخيرة فوق 4,300 دولار.

---

ثانياً: الأخبار الاقتصادية الأمريكية والدولار والفائدة

الخبر الأول: بيانات وظائف ضعيفة تعزّز رهانات خفض الفائدة

كشف تقرير وظائف القطاع الخاص الأمريكي (ADP) عن تراجع في التوظيف بنحو 32 ألف وظيفة في نوفمبر، وهو أكبر انخفاض منذ أكثر من عامين ونصف، ما عزّز قناعة الأسواق بأن سوق العمل يفقد جزءاً من زخمه. بالتزامن، حافظ الذهب على تداولاته المرتفعة فوق 4,200 دولار، بينما تراجع الدولار إلى قرب أدنى مستوياته في عدة أسابيع.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: هذه الأرقام الأضعف من المتوقع تدعم سيناريو تباطؤ سوق العمل وترفع احتمالات خفض الفائدة في اجتماع الفيدرالي يومي 9–10 ديسمبر، ما يضغط على العوائد الحقيقية للسندات الأمريكية ويحد من قوة الدولار. هذا المناخ يميل إلى دعم الذهب ويجعل أي هبوط باتجاه 4,150–4,120 يُنظر إليه كسلوك تصحيحي ضمن اتجاه صاعد، وليس كبداية دورة هبوطية جديدة.

الخبر الثاني: ترقّب مؤشر التضخم المفضّل لدى الفيدرالي (PCE) وقرار ديسمبر

تترقّب الأسواق صدور مؤشر أسعار الإنفاق الاستهلاكي الشخصي PCE – مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي – إلى جانب حزمة من البيانات الأخرى هذا الأسبوع، والتي ستشكّل “آخر دليل” قبل اجتماع الفائدة المرتقب. تقارير مؤسسات مالية دولية تشير إلى أن احتمالات خفض الفائدة هذا الشهر قفزت بشكل واضح، وأن هذه التوقعات كانت المحرك الرئيسي لصعود الذهب في بداية ديسمبر.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: إذا جاءت قراءات التضخم أقل من التوقعات أو أظهرت تباطؤاً واضحاً، ستترسخ توقعات خفض الفائدة وربما بدء دورة تيسير أطول، ما يضغط على العوائد الحقيقية ويزيد من ضعف الدولار، ويدعم بقاء الذهب فوق 4,150 مع قابلية اختبار نطاق 4,220–4,260. أما إذا فاجأ مؤشر PCE الأسواق بقراءة مرتفعة، فقد نشهد ضغطاً قصير الأجل يدفع الأسعار لاختبار نطاق 4,120–4,080 قبل أن يعيد السوق تسعير مسار الفائدة من جديد.

---

ثالثاً: العوامل الجيوسياسية والطلب العالمي على الذهب

الخبر: طلب قياسي من المستثمرين والبنوك المركزية يدعم أرضية سعرية مرتفعة

تشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن إجمالي الطلب العالمي على الذهب في الربع الثالث من 2025 – بما في ذلك التداولات خارج البورصات – ارتفع بنحو 3% إلى مستوى قياسي تاريخي يقارب 1,313 طناً، تقوده طفرة في استثمارات الصناديق المتداولة (ETFs) وطلب قوي على السبائك والعملات.

في المقابل، واصلت البنوك المركزية شراء الذهب بوتيرة قوية، حيث بلغت مشترياتها الصافية نحو 220 طناً في الربع الثالث، بزيادة 28% عن الربع السابق، مع استمرار عدد من الدول الناشئة في تعزيز احتياطياتها كجزء من استراتيجية تنويع بعيدة عن الدولار. وفي أوروبا، حذّر البنك المركزي الأوروبي إيطاليا من مشروع قانون يربط احتياطيات الذهب رسمياً بـ”ملكية الشعب”، في خطوة تُظهر الحساسية السياسية والمالية المرتبطة بهذا الأصل.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: هذا السياق يعزز رؤية أن الذهب أصبح مكوّناً استراتيجياً طويل الأجل في سياسات الاحتياطيات وليس مجرد أداة مضاربة قصيرة الأجل. استمرار قوة الطلب الاستثماري والرسمي، إلى جانب التوترات الجيوسياسية ومخاطر التباطؤ الاقتصادي العالمي، يدعم تكوّن “أرضية سعرية” أعلى من السابق، ويجعل أي هبوط قوي دون 4,000 دولار – إن حدث – فرصة جذابة لإعادة التراكم من جانب البنوك المركزية والمستثمرين الكبار.

---

رابعاً: خلاصة اليوم والاتجاه المبدئي المحتمل للذهب

1. الوضع العام حالياً: يتحرك الذهب حول مستوى 4,184 دولاراً للأونصة داخل نطاق تقديري بين 4,160 و4,230 دولاراً، مع ميل عام يمكن وصفه بأنه صاعد على المدى القصير وصاعد/إيجابي على المدى المتوسط طالما ظل السعر فوق منطقة 4,100–4,000 دولار.

2. أهم العوامل الداعمة للذهب اليوم:

• بيانات وظائف خاصة ضعيفة تدعم سيناريو تباطؤ سوق العمل وتعزّز رهانات خفض الفائدة في اجتماع ديسمبر.

• استمرار نمط ضعف الدولار في الأسابيع الأخيرة، وتحوّل شهية المستثمرين إلى الأصول الملموسة والملاذات الآمنة.

• طلب قياسي على الذهب من جانب المستثمرين والبنوك المركزية، مع تسجيل أعلى مستوى ربع سنوي للطلب منذ بدء رصد بيانات مجلس الذهب العالمي.

3. أهم العوامل الضاغطة على الذهب اليوم:

• حالة ترقّب حادة لبيانات التضخم (PCE) وقرار الفيدرالي، ما يدفع جزءاً من المتعاملين إلى جني الأرباح وتخفيف المخاطر على المدى القصير.

• حساسية الذهب المرتفعة حالياً أمام مفاجآت البيانات: أي قراءة قوية للتضخم أو تحوّل مفاجئ في لهجة الفيدرالي نحو التشدد قد تزيد الضغط التصحيحي وتدفع الأسعار لاختبار مناطق دعم أدنى.

4. القراءة المبدئية لحركة الذهب خلال جلسة اليوم:

طالما بقيت الأسعار أعلى مستوى 4,160–4,150 دولاراً، يبقى السيناريو الأقرب هو استمرار الحركة في نطاق جانبي مائل للصعود مع قابلية اختبار 4,220 ثم 4,260 دولاراً للأونصة إذا جاءت المعطيات الأمريكية (بيانات وتصريحات) في صالح سيناريو خفض الفائدة واستمرار ضعف الدولار.

أما في حال كسر واضح وثبات أدنى 4,150 ثم 4,120 دولاراً، فقد يفتح ذلك الباب أمام تصحيح أوسع باتجاه 4,080 ثم 4,000 دولار للأونصة، مع بقاء هذا السيناريو – حتى الآن – في إطار تصحيح داخل اتجاه صاعد أكبر، وليس بداية دورة هبوطية ما لم تتغير معطيات الفائدة والعوائد لصالح الدولار بشكل حاد ومستدام.

---

خامساً: تنويه مهم

هذا الملخص لأغراض تحليلية واقتصادية ولا يُمثّل بأي حال من الأحوال توصية مباشرة بالشراء أو البيع.

قرارات التداول تبقى مسؤولية المتداول، ويُنصح دائماً بدمج هذا التحليل مع خطة إدارة رأس المال والاستراتيجية الخاصة بكل متداول.