ملخص لما جاء في خطاب السيد جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي عقب خفض أسعار الفائدة 10/12/2025 : 

image
بواسطة : Mohammed Qais

نشر : الأربعاء 10 ديسمبر, 2025

ملخص لخطاب جيروم باول وقرار الفيدرالي الأمريكي – إعداد: الخبير الاقتصادي محمد قيس عبدالغني

10 ديسمبر 2025


أولاً: قرار الفائدة وملخص بيان الفيدرالي

الخبر: قررت لجنة السوق المفتوح الفيدرالية خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 25 نقطة أساس إلى مستوى يتراوح بين 3.50% و3.75%، في ثالث خفض متتالٍ خلال عام 2025، مع تصويت منقسم (9 أصوات مع الخفض مقابل 3 معارضة؛ حيث فضَّل «ميران» خفضاً أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، بينما فضَّل «غولسبـي» و«شمِد» تثبيت الفائدة دون تغيير).

التحليل والتأثير المحتمل: هذا القرار يرسّخ انتقال الفيدرالي من مرحلة التشديد الصارم إلى سياسة أكثر تيسيراً، لكنه في الوقت نفسه يحمل بصمة «الخفض الحذر» لا «التيسير العدواني». انقسام الأصوات يعكس تبايناً حقيقياً داخل اللجنة حول حجم التيسير المناسب، ويبعث رسالة للأسواق بأن الطريق مستقبلاً لن يكون خطياً ولا مضموناً، ما يعني استمرار فترات التذبذب الحاد في الدولار والأصول عالية الحساسية للسياسة النقدية.

الخبر: التوقعات الاقتصادية المحدثة (SEP) تشير إلى أن الفيدرالي يتوقع نمواً اقتصادياً يفوق الاتجاه الطبيعي عند قرابة 2.3% خلال 2026، مع بقاء معدل البطالة حول 4.4%، وتراجع التضخم الأساسي إلى نحو 2.4% قبل الاقتراب تدريجياً من هدف 2%، مع الإشارة إلى خفض واحد فقط للفائدة في 2026 وخفض محدود إضافي في 2027.

التحليل والتأثير المحتمل: هذه التوقعات تعني أن الفيدرالي لا يرى نفسه مضطراً لدورة طويلة من التخفيضات، بل يهدف إلى «تعديل دقيق» في الفائدة لدعم سوق العمل دون إعادة إشعال التضخم. عملياً، هذا يحدّ من رهانات السوق على موجة تيسير قوية، ويجعل أي توسع إضافي في خفض الفائدة مشروطاً بضعف واضح في البيانات الاقتصادية، ما يبقي سعر الدولار وعوائد السندات مدعومة نسبياً على المدى المتوسط.

الخبر: في البيان الرسمي، وصف الفيدرالي التضخم بأنه ما يزال «مرتفعاً إلى حدٍّ ما»، مع الإقرار بأن المخاطر على جانبي التضخم والتوظيف أصبحت أكثر توازناً، في ظل إشارات إلى تباطؤ نمو الوظائف وارتفاع تدريجي في معدل البطالة.

التحليل والتأثير المحتمل: لغة البيان تعكس تحوّلاً في ميزان المخاطر نحو سوق العمل، لكن دون التراجع عن أولوية السيطرة على التضخم. هذا المزيج يفسَّر على أنه «تحوّل تدريجي» من التركيز على كبح الأسعار فقط إلى محاولة حماية التوظيف أيضاً، ما يدعم سيناريو بقاء الفائدة في نطاق قريب من الحياد، مع اعتماد قوي على البيانات القادمة لتحديد أي خطوة لاحقة.

الخبر: بالتوازي مع قرار الفائدة، وجّهت اللجنة مكتب العمليات في الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك لشراء أذونات خزانة قصيرة الأجل (Treasury Bills)، وربما سندات حتى 3 سنوات إذا لزم الأمر، بهدف الحفاظ على مستوى كافٍ من الاحتياطيات في النظام المصرفي.

التحليل والتأثير المحتمل: الفيدرالي حرص على التأكيد بأن هذه المشتريات تهدف لإدارة السيولة التشغيلية وليست برنامج تيسير كمي كلاسيكي. عملياً، هذا يعني ضخ سيولة فنية في النظام المالي لتثبيت أسعار الفائدة القصيرة، من دون إرسال إشارة سياسية بأن البنك المركزي بدأ جولة جديدة من «طباعة الأموال»، وهو ما يخفف من مخاوف انفلات التضخم، وفي الوقت ذاته يدعم استقرار أسواق السندات والتمويل القصير الأجل.

ثانياً: أبرز رسائل جيروم باول في الخطاب والمؤتمر الصحفي

الخبر: باول أوضح أن الفيدرالي خفّض الفائدة بمجموع 75 نقطة أساس منذ سبتمبر و175 نقطة أساس منذ سبتمبر الماضي، مشيراً إلى أن سعر الفائدة الحالي أصبح ضمن نطاق واسع من تقديرات «المعدل الحيادي»، مؤكداً أن السياسة «في وضع جيد» يسمح بالتوقف لانتظار ما ستسفر عنه البيانات.

التحليل والتأثير المحتمل: دخول الفائدة في نطاق الحياد يعني أن الفيدرالي لم يعد في وضع «كبح قوي» ولا في وضع «تحفيز قوي»، بل في منطقة وسطية تمنحه مرونة أكبر. هذا يمنح الأسواق إشارة بأن وتيرة التخفيضات القادمة – إن وُجدت – ستكون أبطأ وأكثر انتقائية، ما يدعم تسعير أكثر واقعية لعوائد السندات ويخفف من رهانات الهجوم على الدولار على المدى المتوسط.

الخبر: شدد باول على أن السياسة النقدية «لا تسير على مسار محدد سلفاً»، وأن قرارات الفائدة ستُتخذ «اجتماعاً بعد اجتماع» وفقاً للبيانات، مع تجنب إعطاء توجيه مستقبلي صريح حول توقيت أو عدد التخفيضات القادمة.

التحليل والتأثير المحتمل: هذه الرسالة تعني أن الفيدرالي يحاول إبقاء يديه حرتين أمام أي مفاجآت في التضخم أو التوظيف، وهو ما يزيد من أهمية البيانات الشهرية (الوظائف، التضخم، الإنفاق الاستهلاكي) كمحرك رئيسي للأسواق. عملياً، هذا النمط يخلق بيئة تميل إلى التذبذب القوي بعد كل بيان اقتصادي، بدل حركة اتجاهية هادئة مبنية على مسار معروف مسبقاً للفائدة.

الخبر: في أحد أبرز التصريحات، أشار باول إلى أن صناع القرار يرون في الوقت نفسه مخاطر صعودية على التضخم ومخاطر صعودية على البطالة، مضيفاً أن الفيدرالي «لديه أداة واحدة فقط» ولا يمكنه معالجة مشكلتين متعاكستين في وقت واحد بنفس الدرجة من القوة.

التحليل والتأثير المحتمل: هذا الاعتراف الصريح يوضح أن الفيدرالي يقف في نقطة توازن دقيقة بين شقي التفويض (التضخم والتوظيف). الرسالة الضمنية للمستثمرين والمتداولين أن البنك المركزي لن يغامر بتيسير كبير يعرض استقرار الأسعار للخطر، ولن يستمر أيضاً في التشديد بشكل يفاقم ضعف سوق العمل. هذه المعادلة تعني أن أي انحراف واضح في البيانات (ارتفاع مفاجئ في التضخم أو تدهور حاد في الوظائف) قد يدفع الفيدرالي لتعديل المسار بسرعة.

الخبر: باول أكد أن مشتريات أذون الخزانة تهدف فقط إلى ضمان «وفرة الاحتياطيات» واستقرار آلية تنفيذ السياسة النقدية، وليس إلى توسيع الميزانية العمومية بغرض تحفيز مالي واسع.

التحليل والتأثير المحتمل: من خلال هذا التوضيح، يحاول الفيدرالي تطمين الأسواق بأن هذه الخطوة لن تتحول إلى موجة تيسير كمي جديدة مثل ما حدث بعد الأزمات السابقة. هذا يحد من المخاوف من تضخم مفرط في أسعار الأصول نتيجة سيولة زائدة، وفي الوقت نفسه يطمئن البنوك بأن بيئة التمويل قصير الأجل ستظل مستقرة، ما يدعم استقرار سوق الريبو وأسواق النقد.

ثالثاً: ردود فعل الأسواق (الدولار، الذهب، الأسهم، البيتكوين)

الخبر: مؤشرات الأسهم الأمريكية، وعلى رأسها الداو جونز وستاندرد آند بورز 500، أغلقت على ارتفاعات معتدلة واقتربت من قمم تاريخية جديدة بعد قرار الفائدة وتصريحات باول، في حين أظهرت عوائد السندات بعض التراجع عن ذروتها السابقة.

التحليل والتأثير المحتمل: الأسواق قرأت القرار على أنه «خفض حذر بنبرة متشددة»؛ أي أن تكلفة الاقتراض انخفضت قليلاً، ما يدعم تقييمات الأسهم، لكن إشارة الفيدرالي إلى خفض محدود في 2026 أبقت توقعات التيسير تحت سقف واضح. هذا المزيج يخدم أسهم الشركات ذات الميزانيات القوية والقطاعات الحساسة للفائدة، لكن يحد من شهية الدخول في موجة مضاربة جامحة على أساس «فائدة صفرية» كما حدث في دورات سابقة.

الخبر: الذهب شهد تذبذباً قوياً حول وقت الإعلان، حيث كانت الأسعار شبه مستقرة قبل القرار ثم نجح المعدن الأصفر في محو جزء من خسائره وملامسة قمم يومية جديدة مع استيعاب الأسواق لفكرة أن الفائدة ستظل في نطاق أقل تشدداً، ولو بنبرة حذرة.

التحليل والتأثير المحتمل: رد فعل الذهب يعكس أن الأسواق كانت قد سعّرت مسبقاً خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس، لذلك كان الأثر الفوري محدوداً. لكن استمرار الحديث عن مخاطر على سوق العمل، إلى جانب احتمالية توقف دورة الخفض عند مستويات قريبة من الحياد، يُبقي الذهب مدعوماً كأداة تحوّط متوسطة الأجل ضد أي مفاجآت في النمو أو التضخم، مع بقاء الحساسية مرتفعة لأي بيانات أمريكية قادمة.

الخبر: البيتكوين وبقية الأصول الرقمية تفاعلت بتذبذب ملحوظ بعد القرار، حيث تحركت الأسعار في نطاق واسع نسبياً مع ارتفاع في التقلبات الضمنية، في ظل قراءة الأسواق لقرار الخفض على أنه داعم للسيولة لكنه ليس كافياً وحده لإطلاق موجة صعودية قوية جديدة.

التحليل والتأثير المحتمل: سلوك البيتكوين بعد القرار يؤكد أن تحركات الكريبتو أصبحت أقل ارتباطاً بمستوى الفائدة المجرد، وأكثر حساسية لمجموع عوامل تشمل السيولة، شهية المخاطرة، والتطورات التنظيمية. خفض الفائدة يدعم البيئة العامة للأصول ذات المخاطر العالية، لكنه في ظل «خفض حذر» ورسائل متشددة نسبياً من الفيدرالي، قد يعني استمرار موجات الصعود والهبوط الحادة بدلاً من اتجاه صاعد مستمر.

رابعاً: الخلاصة والتأثير على المتداولين

خلاصة ما حدث اليوم أن الفيدرالي قدّم للأسواق «جرعة تيسير محسوبة» عبر خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، مع الإصرار في الوقت نفسه على أن التضخم لم يُهزم بعد وأن دورة التخفيضات القادمة (إن استمرت) ستكون محدودة ومشروطة بالبيانات. بالنسبة للمتداولين على الذهب، الكريبتو، والمؤشرات الأمريكية، تعني هذه الرسائل أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة تذبذب عالٍ وتتطلب إدارة صارمة لرأس المال، والتركيز على نقاط التحول في البيانات الاقتصادية أكثر من الاعتماد على سيناريو واحد ثابت لمسار الفائدة.

Loading

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *