ملخص لما جاء في محضر الفيدرالي 10/12/2025 :

image
بواسطة : Mohammed Qais

نشر : الأربعاء 10 ديسمبر, 2025

ملخص لبيان واجتماع الفيدرالي الأمريكي (FOMC) – إعداد: الخبير الاقتصادي محمد قيس عبدالغني

10 ديسمبر 2025


أولاً: قرار الفائدة وملامح بيان الفيدرالي

الخبر: لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية قررت خفض النطاق المستهدف للفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 25 نقطة أساس إلى مستوى بين 3.50% و3.75%، في ثالث خفض متتالٍ خلال عام 2025، مع تأكيد استمرار متابعة البيانات قبل إجراء أي خفض إضافي محتمل.

التحليل والتأثير المحتمل: هذا القرار يؤكد تحوّل الفيدرالي إلى دورة تيسير نقدي تدريجي لدعم سوق العمل والاقتصاد، لكنه في الوقت نفسه لم يفتح الباب على مصراعيه لمزيد من التخفيضات السريعة، ما يعني أن السياسة الحالية أقرب إلى «خفض حذر» وليس إلى موجة تيسير عدوانية. بالنسبة للأسواق، هذا النمط غالباً ما يضغط على الدولار الأمريكي على المدى القصير، لكنه يحد من الهبوط الحاد بفعل بقاء الفائدة الحقيقية عند مستويات ما زالت جذابة نسبياً.

الخبر: البيان أشار إلى أن النشاط الاقتصادي ما زال ينمو بوتيرة «معتدلة»، لكن مكاسب الوظائف تباطأت هذا العام، مع ارتفاع معدل البطالة تدريجياً، في حين تحرّك التضخم صعوداً مقارنة ببداية السنة وما يزال «مرتفعاً نسبياً» فوق هدف 2% على المدى الطويل.

التحليل والتأثير المحتمل: هذه الصياغة تُظهر أن الفيدرالي بات أكثر قلقاً على جانب التوظيف مقارنة بالأشهر السابقة، لكنه لم يتخلّ عن أولوية كبح التضخم. هذا التوازن في الخطاب يعني أن أي بيانات سلبية إضافية في سوق العمل يمكن أن تدفع الفيدرالي لمزيد من الخفض، بينما أي عودة لتسارع التضخم قد تعيد لهجة أكثر تشدداً وتضغط على الأصول عالية المخاطر.

الخبر: اللجنة أكدت مجدداً سعيها لتحقيق «الحد الأقصى من التوظيف» و«استقرار التضخم عند 2%» على المدى الطويل، مع الإشارة بشكل صريح إلى أن مخاطر التراجعات في التوظيف ارتفعت مؤخراً، وأن عدم اليقين حول الآفاق الاقتصادية ما يزال مرتفعاً.

التحليل والتأثير المحتمل: إبراز مخاطر سوق العمل يبرر الخفض الحالي في الفائدة، ويمنح الفيدرالي غطاءً سياسياً للاستمرار في التيسير إذا ساءت البيانات، لكنه في المقابل يُبقي الأسواق في حالة ترقّب لكل تقرير وظائف أو تضخم جديد. هذا يزيد احتمالات التذبذب الحاد حول صدور البيانات، خاصة على الدولار وأزواج العملات الرئيسية والذهب.

الخبر: البيان شدّد على أن اللجنة «مستعدة لتعديل موقف السياسة النقدية كما يلزم» إذا ظهرت مخاطر يمكن أن تعوق تحقيق أهدافها، مع تأكيد متابعة مجموعة واسعة من البيانات تشمل أوضاع سوق العمل، ضغوط الأسعار، التوقعات التضخمية، والظروف المالية العالمية.

التحليل والتأثير المحتمل: هذه العبارة تكرّس نهج «الاعتماد على البيانات» وتُبقي الباب مفتوحاً نظرياً أمام كل الاحتمالات (المزيد من الخفض، أو التوقف المؤقت، أو حتى التشديد مجدداً إذا لزم الأمر). هذا النمط من التوجيه يقيّد قدرة الأسواق على بناء مسار ثابت للفائدة، ويجعل تحركات الأصول أكثر حساسية لكل تقرير اقتصادي رئيسي.

الخبر: التصويت داخل اللجنة كان منقسماً بشكل لافت؛ أغلبية الأعضاء أيدت خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس، في حين فضّل أحد الأعضاء خفضاً أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، بينما فضّل عضوان الإبقاء على الفائدة دون تغيير.

التحليل والتأثير المحتمل: هذا الانقسام يعكس حالة من عدم اليقين داخل الفيدرالي نفسه حول عمق التباطؤ الاقتصادي ودرجة خطورة التضخم الحالي. الأسواق تقرأ هذا الانقسام على أنه إشارة إلى أن مسار الفائدة مستقبلاً سيكون متقلباً ومفتوحاً على سيناريوهات متعددة، ما يعزز حساسية الدولار والسندات والأسهم لأي تغيّر مفاجئ في لهجة الخطابات القادمة لمسؤولي الفيدرالي.

الخبر: من الناحية التشغيلية، تم خفض الفائدة على أرصدة الاحتياطي والفائدة على نافذة الإقراض الأولي، مع الاستمرار في إدارة السيولة عبر عمليات إعادة الشراء (الريبو) وشراء أذون الخزانة القصيرة الأجل للحفاظ على مستوى «وفير» من الاحتياطيات في النظام البنكي.

التحليل والتأثير المحتمل: هذه الإجراءات تؤكد أن الفيدرالي لا يكتفي بضبط سعر الفائدة الأساسي فقط، بل يحرص أيضاً على استقرار أسواق التمويل القصير الأجل وعدم عودة أي توترات في السيولة. استقرار سوق الريبو وأسعار الفائدة القصيرة الأجل يدعم ثقة البنوك والمؤسسات المالية، ويقلل مخاطر الصدمات المفاجئة في تكلفة التمويل التي قد تنعكس بقوة على الأسهم والعملات والسلع.

ثانياً: التوقعات الاقتصادية (SEP) ومسار الفائدة المستقبلي

الخبر: ملخص التوقعات الاقتصادية (SEP) المرفق بالاجتماع يشير إلى رؤية الفيدرالي لمسار نمو متواضع في السنوات القادمة، مع تباطؤ النمو مقارنة بمتوسط ما بعد الجائحة، وارتفاع معدل البطالة إلى مستويات أعلى قليلاً من 4%، في حين يبقى التضخم فوق 2% لكن على مسار هبوطي تدريجي باتجاه الهدف خلال أفق التوقعات.

التحليل والتأثير المحتمل: هذه التوقعات تعني أن الفيدرالي لا يرى ركوداً حاداً أمامه، لكنه يتوقع اقتصاداً أبطأ وتضخماً «لزجاً» يحتاج وقتاً للنزول الكامل إلى 2%. لهذا السبب يتجه إلى خفض الفائدة بشكل تدريجي مع الاحتفاظ بهوامش مناورة إذا عاد التضخم للارتفاع، ما يحد من الرهانات على دورة تيسير كبيرة وسريعة تشبه ما بعد الأزمات.

الخبر: مخطط النقاط (Dot Plot) المرافق للتوقعات يظهر أن صانعي السياسة يتوقعون – في المتوسط – أن معظم التخفيضات المرجوة لعام 2025 قد تحققت بالفعل، وأن عام 2026 قد يشهد خفضاً محدوداً إضافياً فقط، مع استقرار الفائدة لاحقاً قرب مستوى يُعد «محايداً» أو أقل تشدداً بقليل.

التحليل والتأثير المحتمل: هذا المسار يُرسل للأسواق رسالة واضحة مفادها أن دورة التيسير الحالية ليست مفتوحة بلا حدود، وأن الفيدرالي يفضّل الإبقاء على فائدة حقيقية إيجابية نسبياً، وهو ما يدعم الدولار على المدى المتوسط ويمنع تكوّن فقاعة ائتمانية جديدة. بالنسبة للمستثمرين، هذا يعني إعادة تسعير تدريجية للأصول وفق بيئة فائدة أقل من ذروة 2024 لكنها ليست «قريبة من الصفر» كما في مرحلة ما بعد 2008.

ثالثاً: التأثير على الأسواق – قراءة أولية للدولار والذهب والكريبتو والأسهم الأمريكية

الخبر: عوائد السندات الأمريكية تراجعت بشكل طفيف على المدى القصير بعد القرار، مع استمرار تداول العائد على السندات لأجل 10 سنوات قرب نطاق 4.1%–4.2%، بينما شهدت الأسهم الأمريكية (داو جونز، S&P 500، ناسداك) ميلاً للصعود عقب الإعلان عن الخفض ربع النقطة وغياب مفاجآت «متشددة» في مسار 2026.

التحليل والتأثير المحتمل على الدولار والأسهم: خفض الفائدة يدعم الأصول الخطرة نظرياً عبر خفض تكلفة التمويل وخصم التدفقات النقدية المستقبلية بسعر فائدة أقل، ما يفسر تحرك المؤشرات الأمريكية إلى المنطقة الخضراء. في المقابل، استمرار تداول العوائد الطويلة عند مستويات مرتفعة نسبياً يحد من ضعف الدولار، ويُبقي بعض الدعم للقطاع المالي وأسهم القيمة، مع احتمال استمرار التذبذب القوي في أسهم التكنولوجيا والنمو الحساسة لتغيّر منحنى العائد.

الخبر: الذهب تحرك حول منطقة 4,200 دولار للأونصة قبل الاجتماع وظل في نطاق جانبي ضيق مع اقتراب القرار، في ظل موازنة الأسواق بين أثر خفض الفائدة (الإيجابي نظرياً للذهب) وبين لغة الفيدرالي التي لا تزال ترى التضخم «مرتفعاً نسبياً» وتلمّح إلى مسار تيسير محدود.

التحليل والتأثير المحتمل على الذهب: استمرار خفض الفائدة تدريجياً يدعم الذهب على المدى المتوسط من خلال تقليل تكلفة الفرصة البديلة وحفظ جاذبية الذهب كأصل تحوّطي في ظل عدم اليقين. لكن لهجة الفيدرالي التي تُبقي باب التوقف المؤقت عن الخفض مفتوحاً تحدّ من قدرة الذهب على تسجيل اختراقات عنيفة أعلى دون محفزات إضافية (مثل بيانات تضخم أضعف من المتوقع أو تدهور ملحوظ في سوق العمل). عملياً، قد يظل الذهب يتحرك في نطاقات واسعة متذبذبة حول قممه التاريخية مع ميل صعودي طالما لم يعد الفيدرالي إلى نبرة تشدد قوية.

الخبر: البيتكوين وباقي العملات الرقمية كانت تتداول قبيل الاجتماع بالقرب من قمم جديدة لهذا العام، مع تمركز سعر البيتكوين قرب نطاق 92–94 ألف دولار، وسط توقعات في السوق بإمكانية استهداف مستوى 100 ألف دولار إذا استمرت دورة خفض الفائدة وتدفقت السيولة عبر صناديق الـETF.

التحليل والتأثير المحتمل على الكريبتو: الأصول الرقمية شديدة الحساسية لتغير شهية المخاطرة ولسعر الفائدة الحقيقي. خفض الفائدة يزيد شهية المستثمرين لتحمل المخاطر ويدعم السردية القائلة بأن «السيولة الرخيصة» تدفع جزءاً من رؤوس الأموال نحو البيتكوين وغيرها. لكن في المقابل، أي إشارة من الفيدرالي إلى أن مسار الخفض محدود أو مشروط بتباطؤ أكبر قد تزيد من حدة التصحيحات في الكريبتو إذا شهدنا ارتداداً صعودياً في الدولار أو العوائد الحقيقية.

الخبر: سوق الأسهم الأمريكية استقبل القرار بتحسن معنويات عام، مع تركّز الاهتمام على القطاعات الحساسة للفائدة مثل العقار والمرافق والقطاع التكنولوجي، بالتوازي مع مراقبة المستثمرين لتحديثات التوقعات الاقتصادية والـ Dot Plot لتقييم ربحية الشركات تحت بيئة فائدة «أقل تشدداً ولكن ليست منخفضة بالكامل».

التحليل والتأثير المحتمل على الأسهم الأمريكية: السيناريو الحالي مريح نسبياً لـ«وول ستريت» لأن الفيدرالي يخفض الفائدة دون أن يعلن حالة طوارئ اقتصادية، ما يدعم فرضية «هبوط ناعم» للاقتصاد. هذا النمط عادةً ما يفيد المؤشرات على المدى القصير والمتوسط، لكنه في الوقت نفسه يفرض على مديري المحافظ إعادة موازنة بين أسهم النمو وأسهم القيمة وفقاً لمسار العوائد الحقيقية وتوقعات الأرباح، ومن المرجح أن نشهد تذبذباً قطاعياً واضحاً في الفترة القادمة بدلاً من ارتفاع جماعي عشوائي.

تنويه مهم: المحضر التفصيلي لاجتماع الفيدرالي يُنشر عادة بعد بضعة أسابيع، أما هذا الملخص فهو مبني على بيان الفائدة الرسمي والتوقعات الاقتصادية (SEP) والتغطيات الصحفية الأولية لقرار 10 ديسمبر 2025. جميع ما ورد أعلاه لأغراض تحليلية وتعليمية ولا يُمثل بأي حال من الأحوال توصية مباشرة بالشراء أو البيع، ويجب دمجه مع خطة إدارة رأس المال والاستراتيجية الخاصة بكل متداول أو مستثمر.

Loading

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *